تقديم مدرسة نوبير الاموي

من محاكمته على خلفية استجواب البايس و مطالبته بملك يسود و لا يحكم مع الاساتذة الاجلاء المرحومين الصبري و بوزبع و الاستاذ طبيح اطال الله عمره...

الثلاثاء، 8 يوليو 2025

الكتلة التاريخية عند أنطونيو غرامشي: قراءة نقدية للهيمنة والتغيير الاجتماعي

 




الكتلة التاريخية عند أنطونيو غرامشي: قراءة نقدية للهيمنة والتغيير الاجتماعي

المقدمة

أنطونيو غرامشي (1891-1937)، مفكر ماركسي إيطالي ومؤسس الحزب الشيوعي الإيطالي، جدد بعمق الفكر الماركسي الكلاسيكي من خلال أعماله النظرية، خصوصاً في دفاتر السجن. من بين مفاهيمه الأساسية تبرز نظرية الكتلة التاريخية، وهي مفهوم مركزي لفهم كيف تمارس الطبقة الحاكمة سلطتها وتحافظ عليها في مجتمع معين. تتيح هذه النظرية تحليل علاقات القوة بين الطبقات الاجتماعية مع مراعاة البُنى الاقتصادية، وكذلك البُنى الفوقية السياسية والإيديولوجية والثقافية.

أولاً: سياق نشوء النظرية

كتب غرامشي في سياق تاريخي تميز بفشل الثورات الاشتراكية في أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الأولى، على عكس ما حدث في روسيا. وقد حاول فهم السبب وراء عدم تمكن الطبقات الشعبية من إسقاط النظام البرجوازي في الدول الصناعية. هذا التساؤل دفعه لإعادة التفكير في العلاقة بين الاقتصاد والسياسة والثقافة داخل المجتمعات الرأسمالية المتقدمة.

في هذا السياق، طور مفهوم الكتلة التاريخية، كإجابة على سؤال استقرار الرأسمالية وهيمنة البرجوازية في المجتمعات الغربية.

ثانياً: تعريف الكتلة التاريخية

الكتلة التاريخية هي وحدة جدلية بين البنية التحتية الاقتصادية (الأساس المادي للمجتمع: قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج) والبنية الفوقية (المؤسسات السياسية والقانونية والإيديولوجية والثقافية). يؤكد غرامشي أن هذين المجالين ليسا منفصلين، بل هما مترابطان ارتباطاً وثيقاً ويتبادلان التأثير.

"البنية التحتية والبنية الفوقية تشكلان كتلة تاريخية"، كما كتب غرامشي.

أ. وحدة متماسكة للهيمنة

تشير الكتلة التاريخية إلى تكوين منسجم، في لحظة تاريخية معينة، بين:

  • بنية اقتصادية (مثل النمط الرأسمالي أو الإقطاعي)

  • أشكال سياسية (مثل الدولة الليبرالية أو الاستبدادية أو الدكتاتورية)

  • إيديولوجيات مهيمنة (مثل الدين أو العلم أو القومية)

  • ثقافة مهيمنة تطبع النظام القائم وتجعله يبدو طبيعياً.

هذا التناسق هو ما يسمح للطبقة المسيطرة ببناء هيمنة طويلة الأمد على الطبقات الأخرى.

ثالثاً: دور الهيمنة في الكتلة التاريخية

يشكل مفهوم الهيمنة جوهر نظرية غرامشي للكتلة التاريخية. ويقصد به قدرة طبقة اجتماعية على قيادة المجتمع ليس فقط بالإكراه، بل أيضاً عبر القبول الطوعي، بفرض رؤيتها للعالم كأنها شاملة و"طبيعية".

أ. الهيمنة الثقافية

بحسب غرامشي، لا تحكم الطبقة المسيطرة فقط عبر القوة (الشرطة، الجيش، القوانين)، بل عبر إنتاج القبول لدى المحكومين بواسطة التعليم، الإعلام، الدين، الأسرة، والمثقفين. وهكذا تُنشئ ثقافة مهيمنة تخترق كل شرائح المجتمع وتُضفي شرعية على سلطتها.

فالهيمنة، إذاً، هي ثقافية قبل أن تكون سياسية، وتقوم على القدرة على بناء "الحس المشترك" المقبول من الأغلبية.

ب. المثقف العضوي

عنصر أساسي في هذه الهيمنة هو دور المثقفين العضويين، وهم منتجو الإيديولوجيا في خدمة طبقة اجتماعية. بخلاف "المثقفين التقليديين" الذين يُعتبرون محايدين أو عالميين، يساهم هؤلاء في بناء الإجماع حول هيمنة طبقة معينة.

رابعاً: تحوّل الكتلة التاريخية

الكتلة التاريخية ليست أبدية، ويمكن أن تتعرض للتحدي، خاصة حين تصبح التناقضات بين القاعدة والبنية الفوقية حادة جداً، أو عندما تنجح طبقة صاعدة جديدة في بناء هيمنة بديلة.

أ. أزمة الهيمنة

عندما لا تعود المؤسسات القائمة تلبي حاجات الجماهير، وعندما تفقد الأفكار المهيمنة قدرتها على الإقناع، تظهر أزمة هيمنة. ويمكن أن تفتح هذه الأزمة المجال أمام ثورة بطيئة (تغيير تدريجي دون قطيعة) أو مرحلة ثورية (تغيير جذري للنظام).

ب. تحالف طبقي جديد

لبناء كتلة تاريخية جديدة، يجب على الطبقة الصاعدة (مثل البروليتاريا وفقاً لغرامشي) أن:

  • تُنشئ قاعدة اقتصادية جديدة،

  • تبني تحالفاً بين الطبقات الدنيا (كعمال، فلاحين، مثقفين)،

  • تنتج ثقافة هيمنة جديدة (ثقافة مضادة)،

  • تستولي على الدولة أو تؤسس دولة بديلة.

خامساً: الكتلة التاريخية كأداة تحليلية

تسمح نظرية الكتلة التاريخية بقراءة غير ميكانيكية للماركسية. فهي ترفض فكرة أن "البنية التحتية" تحدد تلقائياً "البنية الفوقية"، بل تؤكد على الوساطة الثقافية والإيديولوجية.

إنها أداة تحليل اجتماعي قوية، يمكن تطبيقها في سياقات مختلفة، مثل:

  • فهم استقرار النيوليبرالية ككتلة تاريخية منذ الثمانينيات،

  • تحليل التحولات الديمقراطية أو الثورات (مثل أمريكا اللاتينية)،

  • تحديد الصراعات الإيديولوجية في التعليم، والإعلام، والدين.

خاتمة

تقدم نظرية الكتلة التاريخية لغرامشي تصوراً معقداً وديناميكياً للسلطة. فهي تُظهر أن السيطرة لا تقوم فقط على القوة، بل أساساً على بناء هيمنة ثقافية مستمرة. وهي تدعو الحركات التقدمية إلى الاستثمار في مجالات الثقافة والتعليم والفكر، من أجل التمهيد لتحول اجتماعي جذري، وليس الاكتفاء بإصلاحات اقتصادية أو مؤسساتية.

ومن خلال هذا المنظور، يذكرنا غرامشي بأن كل تحول اجتماعي حقيقي يبدأ أولاً بـ ثورة في الأفكار والوعي.

الخميس، 3 يوليو 2025

الذل والشماتة في الثقافة المغربية: قراءة ثقافية اجتماعية

الذل والشماتة في الثقافة المغربية: قراءة ثقافية اجتماعية

مقدمة

تحتل مفاهيم الذلّ والشماتة مكانة بارزة في الثقافة المغربية، إذ لا تُفهم فقط كمجرد مواقف فردية أو سلوكات اجتماعية، بل هي محمولة بثقل تاريخي، ومعانٍ رمزية، وتعبيرات لغوية ومواقف جماعية. فالمغاربة، مثل سائر شعوب المنطقة، يقيّمون الكرامة والعزة، ويحذرون من الذل والمهانة، ويخشون الشماتة لما فيها من انتقاص للهيبة ومكانة الفرد داخل الجماعة.

أولًا: معنى الذل في السياق المغربي

1. الذل لغةً وثقافةً

الذلّ لغةً يعني الخضوع والانكسار والمهانة، ويقابله العز والكرامة. أما في الثقافة المغربية، فالذلّ يرتبط ارتباطًا مباشرًا بفقدان "الوجه" أو "الحشمة"، وهما مفهومان مركزيان في تقييم سلوك الأفراد داخل المجتمع.

2. الذلّ في العلاقات اليومية

يُنظر إلى الشخص "الذليل" في المجتمع المغربي بوصفه شخصًا فقد ماء وجهه أو "داير ما يستاهلش"، أي ارتضى لنفسه مواقف فيها تنازل أو خضوع دون مبرر أخلاقي أو اجتماعي. ومن الأمثلة:

  • شخص يقبل الإهانة من أجل المال: يُقال عنه "باع وجهو بفرنك".

  • من يُهين نفسه طمعًا في منفعة: "كيمسح الكابة باش ياكل".

  • من يتحمّل الظلم دون أن يُدافع عن نفسه: "ساكت على الذل، كيشرب المرّ و ساكت".

3. الذل بين الأفراد والسلطة

في العلاقة مع السلطة أو المسؤولين، يظهر الذل في صور مثل التملق المبالغ فيه أو السكوت عن الظلم، ويُعبّر عنه بالدارجة بعبارات مثل:

  • "كيتزلف" أو "كيمسح ليهم الصباط".

  • "كيحني الراس بزّاف حتى ولى بلا كرامة".

ثانيًا: الشماتة في الثقافة المغربية

1. الشماتة كموقف اجتماعي

الشماتة هي الفرح بمصيبة الآخر، وهي سلوك مذموم دينيًا وأخلاقيًا، ومع ذلك توجد لها تجليات عديدة في الواقع المغربي. يُنظر إلى "الشامت" كعديم المروءة، و"لي ما فيه خير"، وغالبًا ما يتعرّض هو الآخر للشماتة في لحظة ما.

2. الشماتة في العلاقات الاجتماعية

من الأمثلة الواقعية:

  • عند وقوع خصم أو جار في ورطة مالية أو مصيبة، يُقال عنه:
    "طاح، جات فيه" أو "الله ما يديه غير فهاذ الحالة".

  • عند فشل شخص ناجح في حياته، تُقال عبارات مثل:
    "كان نافخ راسو، شوف دابا فين وصل".

وهذه العبارات قد تُقال خفية أو علنًا، لكن الهدف منها في الغالب هو تثبيت التفوق الاجتماعي للشامت.

3. الشماتة في وسائل التواصل الاجتماعي

مع انتشار السوشيال ميديا، أصبحت الشماتة تأخذ أشكالًا إلكترونية من خلال:

  • السخرية من سقوط شخصية عامة في فضيحة.

  • تداول أخبار مصائب الناس بتعليقات مليئة بالتهكم.

  • إنشاء "ميمات" و"فيديوهات" تضحك على معاناة الغير.

ثالثًا: الجذور النفسية والاجتماعية للذل والشماتة

1. الخوف من الفضيحة والعيب

المغاربة، كغيرهم من شعوب المنطقة، يعيشون في ثقافة يغلب عليها الضبط الاجتماعي عبر مفهومي "العيب" و"الحشومة". لهذا السبب، يُخاف من الذلّ لأنه يُعد شكلًا من "الفضيحة" الشخصية أو العائلية.

2. قيم "النخوة" و"الرجولة"

في ثقافة يغلب عليها الطابع الذكوري، تعتبر "الرجولة" مرادفًا للكرامة والعزة. لذا، الذلّ يفقد الرجل صفته الاجتماعية كـ"رجل" بمعنى صاحب موقف وقيمة. وهذا ما يجعل الرجل المغربي يخاف من أن يقال عنه: "ماعندو كرامة" أو "مسخوط على راسو".

3. الشماتة كرد فعل على الحسد أو الصراع الطبقي

في بعض الحالات، تكون الشماتة تعبيرًا عن الحسد، أو محاولة لتعويض الفارق الطبقي أو النجاح الشخصي. من خلال الشماتة، يحاول الفرد "الانتقام الرمزي" من شخص كان أعلى منه مكانة أو سلطة.

رابعًا: الذل والشماتة في الأمثال الشعبية

الثقافة المغربية غنية بأمثال شعبية تلخص هذه المفاهيم:

  • "اللي يذلّ راسو، ما يتسماش سيد"

  • "اللّي شمت فخوّيه، ما يسلم من البليّة"

  • "الله ينجيك من شماتة العديان"

  • "اللي ما عندو وجه، ما يهمّو الذل"

  • "طاح، ما شاف حد، جا اللي زاد فيه"

هذه الأمثال تعكس مدى ترسّخ مفهومي الذل والشماتة في الوعي الجمعي.

خامسًا: البُعد الديني في مقاومة الذل والشماتة

الدين الإسلامي يلعب دورًا هامًا في تقييد هذه الظواهر:

  • يقول الرسول ﷺ: "لا تُظهر الشماتة بأخيك، فيرحمه الله ويبتليك".

  • ويُعتبر الذل أمام الظالمين منبوذًا شرعًا، فيما يُمدح من "أعزّ نفسه وأكرمها".

لكن في الممارسة الاجتماعية، كثيرًا ما تتناقض المواقف الفعلية مع هذه القيم الدينية.

خاتمة

تُعد مفاهيم الذل والشماتة من المكونات الثقافية العميقة في المجتمع المغربي، تتقاطع فيها العوامل الاجتماعية والدينية والتاريخية. إنها ليست فقط سلوكات فردية، بل انعكاسات لقيم جماعية تتعلق بالكرامة، والهيبة، ومكانة الفرد داخل الجماعة. ورغم الوعي الأخلاقي والديني بسلبياتها، لا تزال هذه الظواهر حاضرة بقوة في الحياة اليومية، مما يجعل من الضروري فتح نقاش مجتمعي حولها، وبناء ثقافة تحترم كرامة الإنسان، وتنبذ الشماتة والتلذذ بمآسي الآخرين.


الجمعة، 27 يونيو 2025

الإشكالية الثقافية المتعلقة بالدين: قراءة تحليلية في ضوء تحولات المجتمعات المعاصرة




📝 الإشكالية الثقافية المتعلقة بالدين: قراءة تحليلية في ضوء تحولات المجتمعات المعاصرة

🖋️ مقدمة

تعدّ العلاقة بين الدين والثقافة من أكثر الإشكاليات تعقيدًا وإثارة للجدل في المجتمعات المعاصرة. فبينما يمثل الدين أحد المصادر الأساسية للمعنى والقيم والهوية، تمثل الثقافة الإطار الذي تتجلى فيه هذه القيم وتتفاعل مع التحولات الاجتماعية والسياسية والتكنولوجية. وقد أفرز هذا التداخل إشكاليات عميقة، تتصل بموقع الدين في المجال العام، وحدود تدخله في السياسات الثقافية، ومدى انسجامه مع مفاهيم الحداثة، والعلمانية، وحقوق الإنسان.

1️⃣ مفهوم الإشكالية الثقافية المرتبطة بالدين

تُفهم الإشكالية الثقافية المرتبطة بالدين باعتبارها توترًا قائمًا بين المرجعيات الدينية، بوصفها نسقًا مغلقًا نسبيًا على ثوابت عقائدية وتشريعية، وبين الديناميات الثقافية التي تتسم بالتغير والتنوع والانفتاح. ويظهر هذا التوتر في أسئلة جوهرية مثل: هل الدين عنصر توحيد أم مصدر تفرقة؟ هل يشكّل عائقًا أمام التحديث أم يمكن أن يكون رافدًا له؟ وكيف يمكن التوفيق بين المطلق الديني والنسبية الثقافية؟

2️⃣ الدين والحداثة: تصادم أم تكامل؟

تطرح الحداثة تحديات فكرية وقيمية على المرجعيات الدينية، لا سيما فيما يخص العقلانية، الحرية الفردية، الفصل بين السلط، والمساواة بين الجنسين. وفي هذا السياق، برز اتجاهان متعارضان:

  • اتجاه تقليدي يرى في الحداثة خطرًا على الثوابت الدينية.

  • اتجاه إصلاحي يسعى إلى تأويل النصوص الدينية بما ينسجم مع متطلبات الحداثة، دون الإخلال بجوهر العقيدة.

إن التوتر بين الدين والحداثة لا يعني بالضرورة صراعًا، بل يمكن تجاوزه من خلال الاجتهاد والتجديد الفقهي والفكري.

3️⃣ الدين والعلمانية: بين الفصل والتنظيم

العلمانية ليست بالضرورة نفيًا للدين أو عداءً له، بل هي في بعض نماذجها تنظيمٌ للعلاقة بين الدين والدولة، يهدف إلى ضمان حيادية المؤسسات العامة وحماية الحريات الدينية والفكرية. إلا أن مفهوم العلمانية يثير التباسًا كبيرًا في المجتمعات الإسلامية، حيث يُنظر إليها أحيانًا كأداة استعمارية أو تغريبية.

من هنا تظهر الإشكالية: كيف يمكن بناء علمانية "متصالحة" مع الدين، تضمن التعددية وتفصل بين المجالين دون أن تمس بجوهر الإيمان أو تحوّله إلى شأن خاص منزوي؟

4️⃣ الدين والهوية الثقافية

يؤدي الدين دورًا محوريًا في تشكيل الهويات الفردية والجماعية، وقد يُستخدم كآلية دفاعية في وجه العولمة أو كوسيلة للتعبئة السياسية. إلا أن هذا التوظيف قد يتحوّل إلى أداة إقصاء أو تعصب، خصوصًا إذا أُقحم في الصراعات الإثنية أو الطائفية.

من جهة أخرى، في ظل التعدد الثقافي والديني، تبرز الحاجة إلى خطاب ديني منفتح، يعترف بالآخر، ويؤسس لمفهوم المواطنة الجامعة بدل الهويات الضيقة.

5️⃣ الدين وحرية التعبير

من الإشكالات الثقافية البارزة في هذا السياق، العلاقة المتوترة بين حرية التعبير واحترام المقدسات. فبينما تؤكد المرجعيات الحقوقية على حق الفرد في التعبير، ترفض قطاعات دينية ما تعتبره "إساءة" إلى الرموز أو العقائد. والمطلوب هنا هو إيجاد توازن دقيق بين الحريتين: حرية الاعتقاد، وحرية النقد، في إطار الاحترام المتبادل.

6️⃣ الدين والسياسات الثقافية للدولة

تختلف الدول في كيفية إدارة علاقتها بالمجال الديني: بين دول تعتمد الدين كمصدر للتشريع أو كمرجعية رسمية (كالسعودية، إيران)، ودول علمانية تحصر الدين في المجال الخاص (كفرنسا). إلا أن التحدي الأساسي يظل في قدرة الدولة على:

  • صياغة سياسة ثقافية تعترف بالتنوع الديني.

  • حماية حرية المعتقد والضمير.

  • التصدي للتطرف دون المساس بالحريات الأساسية.

🔍 نماذج واقعية

  • فرنسا: إشكالية الحجاب والنقاب في المجال العمومي، وحرية الصحافة مقابل احترام الأديان.

  • العالم العربي: التوتر بين الإسلام السياسي والدولة المدنية.

  • الهند: تصاعد التوترات بين القومية الهندوسية والأقليات الدينية.

  • تركيا: التذبذب بين إرث العلمانية الكمالية وتصاعد الخطاب الديني المحافظ.

✅ خاتمة: نحو عقلنة العلاقة بين الدين والثقافة

إن الإشكالية الثقافية المرتبطة بالدين ليست قدرًا محتومًا، بل هي نتيجة تفاعل معقد بين التاريخ، والاجتماع، والسياسة، والنصوص. والحل لا يكمن في إقصاء الدين، ولا في فرضه كمرجعية مطلقة، بل في عقلنة حضوره داخل المجال الثقافي، عبر:

  • فتح المجال للاجتهاد والتأويل.

  • دعم التعددية الدينية والثقافية.

  • تحييد المؤسسات العمومية.

  • بناء خطاب ديني إنساني ومنفتح.

ففي مجتمع المعرفة والتنوع، لا غنى عن حوار عقلاني ومسؤول بين الدين والثقافة، يكون أساسًا للتعايش والتقدم.


الإشكاليات الثقافية في المجتمعات المعاصرة: قراءة تحليلية في ضوء التحولات العالمي

 


الإشكاليات الثقافية في المجتمعات المعاصرة: قراءة تحليلية في ضوء التحولات العالمي

مقدمة

تواجه المجتمعات المعاصرة، لا سيما في العالم الاسلامي، تحديات ثقافية متعددة تعكس التحولات العميقة التي مست بنيتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. فقد أصبحت الثقافة اليوم مجالًا للصراع والتفاوض، لا فقط على مستوى الهوية، بل أيضًا على مستوى القيم، والمعرفة، والسلطة، والتمثلات. هذا المقال يروم تقديم جرد تحليلي للإشكاليات الثقافية الأساسية، مع محاولة ربطها بسياقها العام، وقراءتها في ضوء رهانات الانتقال إلى مجتمع المعرفة.

1. إشكالية الهوية الثقافية: بين الأصالة والمعاصرة

تُعد الهوية الثقافية من أكثر القضايا إلحاحًا في المجتمعات التي تعرف تحولات سريعة. فالأفراد والجماعات يعيشون صراعًا بين التمسك بالأصالة والتراث، والانفتاح على الحداثة. هذا الصراع يتجلى في ازدواجية لغوية وثقافية، وفي قلق وجودي حول من نكون؟ وما الذي يجب أن نظل عليه؟ وفي ظل العولمة، أصبح الانتماء الثقافي مهددًا بالذوبان داخل أنماط معولمة تُهمش الخصوصيات المحلية.

2. إشكالية القيم والمعايير في زمن السيولة

تشهد المجتمعات تراجعًا في المرجعيات القيمية التقليدية، مقابل صعود قيم استهلاكية وفردانية. لقد أدى هذا التحول إلى ما يسميه البعض بـ"أزمة القيم"، حيث يجد الأفراد أنفسهم في فراغ أخلاقي، بين ما تربوا عليه، وما يفرضه الواقع الجديد. كما أن الحرية الفردية أصبحت محل جدل دائم، خاصة في المجتمعات المحافظة التي لم تحسم بعد علاقتها بالحداثة.

3. إشكالية التعددية الثقافية والتعايش

في مجتمعات متعددة الانتماءات (عرقية، لغوية، دينية)، تطرح مسألة التعددية الثقافية تحديات جوهرية: كيف نؤسس لمجتمع واحد بهويات متعددة؟ هل نكتفي بالتسامح، أم ننتقل إلى الاعتراف الحقيقي بالآخر؟ الواقع يكشف عن وجود سياسات إقصاء ثقافي، وعن خطاب عنصري أحيانًا، يُقوّض إمكانيات التعايش الفعلي.

4. إشكالية المعرفة والسلطة

ترتبط الثقافة ارتباطًا وثيقًا بالمعرفة، لكنها ليست بريئة من السلطة. إذ تُستخدم الثقافة أحيانًا كأداة للهيمنة، سواء عبر التحكم في المحتوى التعليمي، أو عبر احتكار إنتاج المعرفة. وما تزال أغلب دول الجنوب تستهلك معرفةً تنتجها مراكز غربية، دون أن تكون لها سيادة معرفية حقيقية. وهنا يطرح السؤال: هل نملك القدرة على إنتاج معرفة من داخل ثقافتنا وبشروطنا الخاصة؟

5. إشكالية العولمة الثقافية: خطر الذوبان

لقد أدت العولمة إلى تعميم أنماط ثقافية غربية عبر وسائط الإعلام والتكنولوجيا، ما أدى إلى طمس تدريجي للثقافات المحلية. التسليع الثقافي، وهيمنة العلامات التجارية العالمية، وانتشار "ثقافة الترفيه السطحي"، كلها مؤشرات على تآكل الهويات الثقافية. وفي المقابل، تعاني الثقافات المحلية من ضعف الترويج والتحديث، ما يكرّس تبعيتها.

6. إشكالية المثقف: غياب الدور الريادي

لم يعد المثقف في العالم العربي يلعب الدور التاريخي الذي عرفته فترات الاستقلال وبناء الدولة الوطنية. فقد انسحب العديد منهم إلى الهامش، أو تورطوا في خطاب نخبوي بعيد عن هموم الناس. البعض الآخر استُخدم كواجهة تجميلية للسلطة. هكذا، أُفرغ الفعل الثقافي من بُعده النقدي والتغييري.

7. إشكالية السياسات الثقافية: غياب الرؤية

تعاني السياسات الثقافية في العديد من البلدان من غياب الاستراتيجية، وتهميش الثقافة في السياسات العمومية. الثقافة تُعامل كترف، لا كرافعة تنموية. كما أن المؤسسات الثقافية تعاني من البيروقراطية والارتجال، في غياب التمويل والتمكين. ويغيب الاستثمار في الفنون والآداب، والتكوين المهني في المجال الثقافي، ما يعيق تطور الفعل الثقافي المستدام.

8. إشكالية الإعلام وصناعة الذوق

أدى تطور وسائل الإعلام إلى تحوّل كبير في العلاقة مع الثقافة. فقد سادت ثقافة "الفرجة"، وتم تهميش المحتوى الجاد والعميق. أصبح الإعلام يروّج للتفاهة والنجومية السطحية، ما يساهم في إعادة تشكيل الذوق العام بشكل يهدد القيم الثقافية الأصيلة. كما أن خوارزميات وسائل التواصل تكرس ثقافة الاستهلاك اللحظي، لا التأمل والتفكير.

9. إشكالية التعليم والثقافة: القطيعة الخطرة

من أخطر الإشكاليات الثقافية في العالم العربي انفصال التعليم عن الثقافة. فالمؤسسات التعليمية نادرًا ما تساهم في بناء وعي ثقافي نقدي، بل تُعيد إنتاج التلقين والخضوع. كما أن تهميش العلوم الإنسانية والفنون في المنظومة التعليمية يعمق الأزمة. فلا وجود لمشروع ثقافي تربوي يُنمي الحس الجمالي والخيال والتفكير المستقل.

10. إشكالية الذاكرة والتاريخ: الغائب الحاضر

تشهد الذاكرة الثقافية أزمة مزدوجة: من جهة، محاولات طمس أو تزوير الماضي، ومن جهة أخرى، ضعف الوعي التاريخي لدى الأجيال الجديدة. هذا الانفصال عن الذاكرة يُفقد المجتمعات توازنها ويجعلها عرضة لإعادة إنتاج نفس الأخطاء. فالتراث يُختزل أحيانًا في الفولكلور، ويُستعمل في الصراعات السياسية أكثر مما يُوظف في البناء الحضاري.

خاتمة: نحو تجاوز الإشكاليات في أفق مجتمع المعرفة

إن تجاوز هذه الإشكاليات لا يتم عبر حلول تقنية أو خطابات دعائية، بل عبر بلورة مشروع ثقافي شامل يُعيد الاعتبار للإنسان، ويجعل الثقافة في قلب التنمية. ويتطلب ذلك:

  • سياسات ثقافية وطنية مستقلة ومفتوحة

  • إصلاح التعليم وربطه بالثقافة والفكر النقدي

  • دعم حرية التعبير والفنون

  • دمقرطة الفعل الثقافي

  • ترسيخ ثقافة الحوار والتعدد

  • ربط الثقافة بالتكنولوجيا والمعرفة

ففي زمن تتغير فيه المجتمعات بسرعة، تبقى الثقافة هي الأفق الوحيد للحفاظ على المعنى، وبناء مستقبل يليق بالإنسان.

الخميس، 26 يونيو 2025

رهانات المسألة الثقافية والسياسة الثقافية في الدولة الوطنية الديمقراطية



رهانات المسألة الثقافية والسياسة الثقافية في الدولة الوطنية الديمقراطية

مقدمة

تمثل المسألة الثقافية أحد التحديات المركزية التي تواجه الدولة الوطنية الحديثة، لا سيما عندما تسعى هذه الدولة إلى تكريس نموذج ديمقراطي يقوم على التعددية، المشاركة، وحقوق الإنسان. في هذا السياق، تصبح السياسة الثقافية أداة استراتيجية في ضبط العلاقة بين الهوية، السلطة، والفضاء العمومي، وبين التنوع والانتماء الوطني. تتقاطع هذه الرهانات مع قضايا بناء الدولة، العدالة الاجتماعية، الأمن الرمزي، والتحديث.

أولاً: المسألة الثقافية في الدولة الوطنية

منذ تشكّل الدولة الوطنية الحديثة في أعقاب الحركات الاستقلالية أو الثورات التحديثية، طرحت الثقافة كساحة صراع بين مكونات المجتمع، من جهة، وبين الدولة والمجتمع، من جهة أخرى. وتظهر المسألة الثقافية في مظاهر عدّة:

  • صراع الهوية بين مكونات لغوية، دينية، أو عرقية متعددة داخل الوطن الواحد.

  • إشكالية التراث والتحديث: هل يجب أن تنبع الثقافة من الجذور أم أن عليها أن تنفتح على الحداثة العالمية؟

  • علاقة الثقافة بالسلطة: هل الثقافة أداة تعبير حر أم أداة هيمنة رمزية؟

في هذا السياق، تتحول الثقافة من مجرد ممارسة رمزية إلى رهان سياسي واجتماعي، تتوقف عليه وحدة المجتمع واستقراره.

ثانياً: رهانات المسألة الثقافية

1. رهان الهوية

في مجتمعات متعددة، تسعى الدولة الوطنية إلى بناء هوية جامعة دون إقصاء الهويات الفرعية. ولكن، غياب الإنصاف الثقافي قد يؤدي إلى الإقصاء، التهميش، أو حتى الانفصال الرمزي.

2. رهان الديمقراطية التعددية

في ظل الديمقراطية، لا يجوز فرض نموذج ثقافي وحيد على الجميع. بل يجب احترام التعدد، وتشجيع التعبير الثقافي الحر والمتنوع، بما يعكس روح المشاركة والمواطنة المتكافئة.

3. رهان العدالة الرمزية

تقتضي العدالة الثقافية الاعتراف بحقوق المجموعات في لغتها، ذاكرتها، سردياتها، وممارساتها الرمزية، وهو ما يتطلب إعادة النظر في مناهج التعليم، الإعلام، والسياسات اللغوية.

4. رهان الأمن الثقافي

لا يمكن اختزال الأمن في بعده العسكري أو الاقتصادي فقط، بل يجب تأمين الفضاء الرمزي من التهميش والاستلاب الثقافي. فالمجتمع الذي يشعر بأن ثقافته غير معترف بها يصبح هشاً أمام التطرف أو الانفجار الهوياتي.

ثالثاً: السياسة الثقافية للدولة الديمقراطية

في الدول الديمقراطية، السياسة الثقافية ليست مجرد دعم للفن والمسرح، بل هي سياسة عمومية ذات طابع استراتيجي، تتأسس على:

1. الاعتراف بالتعدد

تشمل السياسة الثقافية الناجحة الاعتراف الدستوري باللغات والثقافات المتعددة، كما في النموذج الكندي أو السويسري.

2. ضمان حرية التعبير والإبداع

الدولة الديمقراطية لا تفرض رقابة على الإبداع، بل تؤمّن له شروط الدعم والانتشار، وتحمي المثقف من الضغط السياسي أو الديني أو التجاري.

3. اللامركزية الثقافية

يجب أن لا تتركز الثقافة في العاصمة أو لدى النخب. فالمسارح والمكتبات ودور الثقافة يجب أن تنتشر في القرى والهوامش، لإرساء ديمقراطية ثقافية فعلية.

4. ربط الثقافة بالتنمية

الثقافة ليست ترفاً. بل هي شرط ضروري لتنمية الإنسان، وتعزيز المواطنة، ومواجهة الفقر الرمزي والاغتراب.

رابعاً: تحديات السياسة الثقافية

رغم النوايا المعلنة، تواجه السياسة الثقافية عدة معوّقات:

  • نخب مركزية متحكمة لا تمثل سوى فئة معينة من المجتمع.

  • تدخلات سياسية أو إيديولوجية في المجال الثقافي.

  • ضعف الميزانيات المخصصة للثقافة مقارنة بقطاعات أخرى.

  • غياب الرؤية الاستراتيجية التي تدمج الثقافة في المشروع الوطني العام.

خاتمة

إن رهان المسألة الثقافية في الدولة الوطنية الديمقراطية ليس ترفاً فكرياً، بل هو رهان وجودي يتعلق بمستقبل العيش المشترك، ومدى قدرة الدولة على دمج مكوناتها في مشروع وطني جامع. ويتطلب ذلك سياسة ثقافية واعية، تقوم على الاعتراف، العدالة، الحرية، والتعدد، وتؤمن بأن الثقافة ليست فقط ما ننتجه من كتب وأفلام، بل هي أيضا ما نختاره لنكونه كمجتمع وكوطن.

السبت، 19 أبريل 2025

عذاب الخازوق: أداة الرعب والإعدام في الدولة العثمانية



عذاب الخازوق: أداة الرعب والإعدام في الدولة العثمانية

كان الاموي يقول لبعض المتمسلمين: "هل تريدون العودة بنا لزمان الخازوق"

من بين وسائل الإعدام التي استخدمت عبر التاريخ، قلّما نجد ما يضاهي فظاعة وقسوة الخازوق، وهي طريقة بطيئة ومروعة للموت. وعلى الرغم من أن هذه الوسيلة استُخدمت في حضارات متعددة، فإنها ارتبطت ارتباطًا خاصًا بالدولة العثمانية، حيث استُعملت بشكل منهجي واستعراضي لترهيب الرعية وإرساء هيبة السلطان.

أصل الطريقة وكيفية تنفيذها

يتكوّن الخازوق من عمود خشبي طويل يُنحَت على شكل رأس مدبب أو شبه مدبب. وكان يُجرد المحكوم عليه من ملابسه، ثم يُدخل العمود عن طريق الشرج أو المهبل، ليُدفع ببطء نحو الأعلى، مخترقًا الأحشاء والصدر، وربما يخرج من الفم أو الكتف، بحسب الطريقة المستخدمة. وفي أكثر أشكال التعذيب "احترافًا"، كانت الحربة تُبقى غير حادة عمدًا لتجنب إتلاف الأعضاء الحيوية بسرعة، مما يؤدي إلى إطالة أمد العذاب لساعات أو حتى أيام.

لم يكن الهدف فقط تعذيب الشخص، بل تحويل جسده إلى رسالة مرئية مرعبة، إذ يُعرض جسده مرفوعًا في الهواء كرمز حيّ لما ينتظر كل من تسوّل له نفسه التمرد أو العصيان أو ارتكاب الجرائم.

الخازوق في الدولة العثمانية: سياسة الرعب المنهجي

توسعت الدولة العثمانية عبر الحروب، لكنها ثبّتت أركان حكمها عبر التخويف بقدر ما فعلت عبر الإدارة. وقد أصبح استخدام الخازوق منهجًا متعمدًا في المناطق المتمردة أو المضطربة، خصوصًا في البلقان، والأناضول، وشبه الجزيرة العربية، حيث احتاجت السلطة العثمانية إلى فرض هيبتها على مجتمعات كانت ترفض الخضوع أحيانًا.

لم يكن التعذيب باستخدام الخازوق مجرد سلوك دموي أو همجي، بل كان أداة استراتيجية لفرض السيطرة. فالموت البطيء والمؤلم والمُعلن بهذه الطريقة كان يُستخدم لإشاعة الرهبة في نفوس الأهالي. وتشير بعض المصادر التاريخية إلى طُرق طويلة كانت تصطف على جانبيها جثث مخوزقة على مدى كيلومترات، في مشهد أشبه بمسرح رعب مفتوح.

حوادث شهيرة: بين الحقيقة والأسطورة

أشهر شخصية ارتبطت بالخازوق هو فلاد الثالث المخوزِق، المعروف بفلاد تيبيش، أمير فلاشيا (رومانيا الحديثة). ورغم أنه لم يكن عثمانيًا ولكنه كان رهينة عندهم لسنوات مكان والده و منهم تعلم النعذيب و الارهاب، فإن مقاومته للعثمانيين واستخدامه المكثف للخازوق تركت أثرًا عميقًا في الذاكرة الجمعية – بل وألهمت لاحقًا أسطورة دراكولا. لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن الأتراك العثمانيين أنفسهم تبنّوا هذه الوسيلة على نطاق واسع لمعاقبة الخونة والمتمردين.

أحد الأمثلة البارزة هو قمع ثورة بطرونا خليل في إسطنبول عام 1730. وعلى الرغم من أن الإعدامات تمت أساسًا شنقًا، إلا أن بعض الروايات التاريخية تشير إلى حالات خوزقة لاحقة لتأكيد عودة النظام بقوة.

كما سجلت شهادات المسافرين الأوروبيين – من دبلوماسيين وتجار ومبشرين – العديد من حالات الخازوق في مناطق مختلفة من الدولة العثمانية، خاصة في القرن السابع عشر والثامن عشر. وقد تم تأكيد بعض هذه الشهادات عبر وثائق عثمانية قضائية ومذكرات عسكرية، مما يثبت أن الأمر لم يكن مجرد دعاية معادية.

الخازوق كرمز: عدالة سماوية أم سلطة مطلقة؟

في الرؤية السياسية العثمانية، كان الخازوق يُقدم أحيانًا كـ عدالة إلهية متشددة في مواجهة جرائم تهدد النظام الديني والاجتماعي. لم يكن مجرد عقوبة، بل مشهدًا رمزيًا للسلطة المطلقة التي يملكها السلطان، باعتباره ظل الله على الأرض.

وكانت الجثة المخوزقة تُعلّق على الأسوار، أو عند بوابات المدن، أو على ضفاف البوسفور، في أماكن مختارة بعناية تحمل دلالة قوية، لتكون رسالة بصرية لا لبس فيها: لا عصيان، لا خروج عن الطاعة.

التراجع والاندثار

مع بداية إصلاحات التنظيمات (1839–1876)، والتي هدفت إلى تحديث الدولة وإدخال أساليب حكم مستوحاة من أوروبا، بدأت العقوبات الوحشية تتراجع. وأُلغي الخازوق رسميًا لصالح وسائل إعدام "أكثر حضارية"، مثل الشنق والسجن.

ومع ذلك، هناك بعض الروايات التي تشير إلى استمرار الخازوق في مناطق نائية أو في سياقات حرب وتمرد، حتى بدايات القرن العشرين، وإن كان ذلك خارج نطاق القانون الرسمي للدولة العثمانية.


خاتمة: إرث الرعب

إن الاستخدام المنهجي للخازوق في الدولة العثمانية يعكس حقيقة قاسية من حقائق الحكم الإمبراطوري: الخوف كان جزءًا من أدوات الحكم بقدر ما كان القانون. فخلف فظاعة هذا النوع من الإعدام، كانت هناك حسابات سياسية باردة، تهدف إلى الردع وبسط الهيمنة وكسر الروح المقاومة.

ولا يزال منظر الجسد المخوزق، حتى اليوم، محفورًا في المخيلة الجماعية كأحد أبشع رموز القسوة البشرية، ودليلًا دامغًا على زمنٍ كانت فيه أجساد البشر تُستخدم كلغة للتخويف وكتم الأصوات.


الاثنين، 21 أكتوبر 2024

الفعل السياسي كواجب قطعي: منظور فلسفي، أخلاقي، نفسي، وسوسيولوجي

 


الفعل السياسي كواجب قطعي: منظور فلسفي، أخلاقي، نفسي، وسوسيولوجي

المقدمة

الفعل السياسي هو مجال من مجالات الانخراط البشري يثير أسئلة جوهرية حول معنى الوجود، والمسؤولية الفردية والجماعية، وكيف يجب تنظيم مجتمعات. فكرة اعتبار الفعل السياسي واجبًا قطعيًا – أي واجب أخلاقي غير مشروط وعالمي – تربط بين المجال العام وبين تأملات أخلاقية عميقة متجذرة في الفلسفة الأخلاقية الكانطية. ومع ذلك، لفهم هذه المسألة بشكل كامل، يجب استكشاف ليس فقط الفلسفة الأخلاقية، ولكن أيضًا الأبعاد الأخلاقية، النفسية، والسوسيولوجية.

فكرة أن الفعل السياسي يمكن أن يكون التزامًا أخلاقيًا لكل فرد تثير تساؤلات هامة: هل من الضروري أخلاقيًا أن يشارك الأفراد بنشاط في الحياة السياسية؟ ما هي المبادئ التي يجب أن توجه هذه المشاركة؟ كيف تتعامل النظريات الكلاسيكية والمعاصرة مع هذا الرابط بين الأخلاق والسياسة؟ يقدم هذا النص تفكيرًا متعمقًا حول الفعل السياسي باعتباره واجبًا قطعيًا، من خلال استعراض مساهمات مختلف التقاليد الفلسفية، بالإضافة إلى استكشاف الآثار الأخلاقية والنفسية لعلاقة الفرد بالمجتمع.



الواجب القطعي والفعل السياسي: منظور كانطي

مفهوم الواجب القطعي ، الذي طوره إيمانويل كانط في نقد العقل العملي ، يُعرف بأنه قاعدة أخلاقية تفرض نفسها على الإرادة، بغض النظر عن الرغبات أو الظروف الشخصية. يشرح كانط أن الواجب القطعي يلزمنا بالتصرف وفقًا لمبادئ يمكن تعميمها، أي يجب أن تكون هذه المبادئ قابلة للتبني من قبل الجميع دون تناقض. بمعنى آخر، يجب أن نتصرف فقط وفقًا للمبادئ التي يمكننا أن نرغب في أن تصبح قوانين عامة.

في هذا الإطار، يمكن اعتبار الفعل السياسي، بصفته مشاركة في بناء وتنظيم المجتمع، واجبًا قطعيًا. رغم أن كانط لا يعالج الفعل السياسي مباشرة في نقاشاته حول الواجب القطعي، إلا أن فلسفته الأخلاقية توف ر إطارًا نظريًا للتفكير في السياسة كنوع من الالتزام الأخلاقي غير المشروط. فالفرد، بصفته كائنًا عقلانيًا وأخلاقيًا، عليه واجب المشاركة في إنشاء نظام اجتماعي عادل قائم على مبادئ قابلة للتعميم تعزز الحرية وتحترم كرامة الإنسان.

في النظام السياسي الديمقراطي، حيث لكل مواطن دور في صياغة وتطبيق القوانين، يصبح الفعل السياسي واجبًا أخلاقيًا. هذا الواجب لا يقتصر فقط على التصويت أو المشاركة في المؤسسات السياسية، ولكنه يشمل أيضًا مسؤولية تعزيز السياسات التي تحترم الكرامة الإنسانية والمساواة والعدالة. وفقًا للمنطق الكانطي، تجاهل هذه المسؤولية سيكون بمثابة قبول نظام اجتماعي يعامل بعض الأشخاص كوسائل وليس كغايات بحد ذاتها، وهذا يتناقض مع الواجب القطعي.

الأخلاق في الفعل السياسي: الخير العام والعدالة الاجتماعية

إذا نظرنا إلى الفعل السياسي من منظور أخلاقي أوسع، بعيدًا عن كانط، غالبًا ما يُنظر إلى الفعل السياسي على أنه وسيلة لتعزيز الخير العام وضمان العدالة الاجتماعية . تقدم النظريات المعاصرة للعدالة، مثل تلك التي قدمها جون رولز , مقاربة مكملة لفهم الفعل السياسي من حيث الالتزام الأخلاقي. وفقًا لرولز، في نظرية العدالة ، فإن المجتمع العادل هو المجتمع المنظم وفقًا لمبادئ يقبلها أفراد عقلانيون في موقف من الحرية والمساواة. يجب أن تضمن هذه المبادئ، من بين أمور أخرى، توزيعًا عادلًا للموارد والفرص.

يقترح رولز فكرة حجاب الجهل , حيث يجب تحديد مبادئ العدالة دون أن يعرف الأفراد موقعهم في المجتمع. الفعل السياسي، في هذا السياق، يصبح الوسيلة لتحقيق هذه المبادئ. على المواطنين واجب أخلاقي في المساهمة في إنشاء مؤسسات تحترم هذه المبادئ، وقد يعتبر التقاعس واللامبالاة السياسية شكلًا من أشكال التواطؤ مع الظلم.



علاوة على ذلك، تقدم الأخلاق الأرسطية , من خلال مفهوم اليوذيمونيا (السعادة أو الاكتمال)، منظورًا مثيرً ا للاهتمام حول الفعل السياسي. بالنسبة إلى أرسطو ، الإنسان هو "حيوان سياسي" وتحقيقه الذاتي يعتمد على مشاركته في حياة المدينة. السياسة ليست مجرد وسيلة لتنظيم المجتمع، بل هي نشاط يسمح للأفراد بممارسة الفضيلة وتحقيق إمكاناتهم البشرية بالكامل. وبالتالي، يُنظر إلى الفعل السياسي على أنه طريق إلى الفضيلة والسعادة. بعبارة أخرى، بالنسبة إلى أرسطو، الحياة الجيدة والمكتملة ترتبط بشكل وثيق بالمشاركة النشطة في السياسة.

علم النفس والانخراط السياسي

من وجهة نظر نفسية، يمكن اعتبار الانخراط السياسي تعبيرًا عن قدرة الإنسان على تجاوز المصالح الشخصية ليشمل قضايا أوسع. تتطلب المشاركة السياسية غالبًا التغلب على ميول اللامبالاة أو الأنانية، وكذلك الاعتراف بـ المسؤولية الأخلاقية تجاه الآخرين. مفهوم المسؤولية الأخلاقية يتضمن التزامًا شخصيًا بالتصرف وفقًا لمبادئ عالمية، ويشمل ذلك المجال العام.

تشير الأبحاث في علم النفس السياسي إلى أن الانخراط السياسي يتأثر غالبًا بعوامل مثل الهوية الجماعية ، التضامن ، و الإحساس بالعدالة . الأفراد الذين يشعرون بارتباط قوي مع مجتمعهم أو يشعرون بظلم اجتماعي يكونون أكثر ميلًا إلى المشاركة السياسية. هذا الرابط العاطفي والنفسي مع المجتمع يغذي الحاجة إلى العمل من أجل الخير العام. بالإضافة إلى ذلك، تشير نظريات الدافعية الذاتية إلى أن الأفراد يجدون معنًى عميقًا في وجودهم من التصرف في سبيل قضايا تتجاوز احتياجاتهم الشخصية الفورية.

الانخراط السياسي، وخاصةً عندما يرتبط بحركات اجتماعية أو نضالات من أجل الحقوق، يمكن أن يوفر أيضًا إحساسًا بـ الكرامة و المعنى لأولئك الذين يشاركون فيه. على سبيل المثال، يرى جان سارتر أن الانخراط السياسي وسيلة لإضفاء معنًى على الوجود في عالم لا يحمل عنى جوهريًا. بالنسبة لسارتر، "الإنسان محكوم عليه أن يكون حرًا" ويجب عليه تحمل المسؤولية عن خياراته. العمل سياسيًا يعني ممارسة هذه الحرية بشكل مسؤول، من خلال تشكيل العالم والنضال من أجل العدالة والحرية. بهذا المعنى، يصبح الانخراط في النضالات السياسية شكلًا من أشكال التأكيد الوجودي.

علم الاجتماع والفعل السياسي: المؤسسات، القوة والمشاركة

من الناحية السوسيولوجية , يمكن تحليل الفعل السياسي من خلال ديناميات القوة و البنى المؤسسية . وفقًا لعلماء الاجتماع مثل ماكس فيبر و بيير بورديو ، الأفراد دائمًا ما يكونون مدمجين في أنظمة اجتماعية تؤثر على سلوكهم وتصوراتهم. في هذا الإطار، الفعل السياسي هو غالبًا تفاعل بين القوى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تشكل الأفراد والمؤسسات.

بالنسبة إلى فيبر، السياسة هي في الأساس صراع على السلطة , أي التأثير على توزيع الموارد في المجتمع. وبالتالي، يرتبط الفعل السياسي بكيفية سعي الأفراد والمجموعات للحصول على السلطة أو إعادة توزيعها. تركز هذه المقاربة على العقلانية في الخيارات السياسية وكيف يستخدم الأفراد السياسة لتحقيق مصالحهم. ومع ذلك، يعترف فيبر أيضًا بوجود بُعد أخلاقي للفعل السياسي، خاصةً عندما يتحدث عن "دعوة سياسي ة". يمكن أن يكون الانخراط السياسي نوعًا من أخلاق المسؤولية , حيث يقبل الفاعل السياسي نتائج أفعاله من أجل مصلحة المجتمع.

أما بورديو، فيركز على مفهوم المجال السياسي وكيف يتنقل الأفراد في مساحة مهيكلة بالعلاقات السلطوية. يشير المجال السياسي إلى مساحة تنافسية حيث تتصارع المجموعات المختلفة لفرض رؤيتهم للعالم ومصالحهم. المشاركة في الفعل السياسي تعني أيضًا فهم البنى السلطوية التي تقوم عليها المجتمع ومحاولة تحويلها أو إعادة إنتاجها. بهذا، يصبح الفعل السياسي ليس مجرد مسألة أخلاقية شخصية، بل تفاعل مع الديناميات الاجتماعية وأشكال الرأسمال (الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي) التي تحدد علاقات القوة في مجتمع معين.

الخاتمة 

العمل السياسي، عندما يُعتبر واجبًا قطعيًا، يظهر كنوع من الالتزام الأخلاقي غير المشروط، قائم على احترام كرامة الإنسان والسعي لتحقيق الخير العام. سواء من خلال الفلسفة الكانطية التي تقترح أخلاقًا تعتمد على العالمية والواجب، أو من خلال نظريات العدالة مثل تلك التي قدمها جون رولز، يظهر الانخراط السياسي كمسؤولية أخلاقية لكل فرد. هذه المسؤولية لا تقتصر فقط على المشاركة

من الناحية النفسية، يعكس العمل السياسي قدرة الأفراد على تجاوز ذواتهم والعمل من أجل قضايا جماعية. فهو يوفر معنى لوجود الإنسان، من خلال تمكين الأفراد من تحقيق ذواتهم عبر المشاركة في الحياة العامة. ومن الناحية الاجتماعية، لا يمكن فصل هذا العمل عن ديناميات القوة والهياكل الاجتماعية التي تحكم التفاعلات بين الأفراد والمؤسسات.

وبالتالي، فإن العمل السياسي، بعيدًا عن كونه مجرد خيار بين خيارات أخرى، يمكن اعتباره واجبًا ، ضرورة أخلاقية، ومتطلبًا اجتماعيًا لا غنى عنه. فهو يعطي معنى عميقًا للحياة من خلال تمكين الأفراد من المشاركة الفعالة في تحقيق العدالة والحرية، ومن خلال المساهمة في بناء مجتمع أكثر إنصافًا و عدلا.





الأحد، 20 أكتوبر 2024

معنى المستضعفين في القرآن الكريم

 


القران الكريم اهم مراجع الشعب المغربي و قد حفظه الاموي عن ظهر قلب قبل سن السابعة و نهل الكثير من مفاهيمه في خطابه السياسي كمفهوم المستضعفين الذي استجضره خلال محاكمته الشهيرة.

المستضعفين والاستضعاف من المفاهيم المهمة التي تناولها القرآن الكريم، حيث وردت في سياقات متعددة تُبرز معانٍ دينية، اجتماعية، وإنسانية، تعكس حالة معينة من الظلم والاضطهاد التي قد يعاني منها بعض الأفراد أو الجماعات عبر الزمن. لنلقِ نظرة على هذين المفهومين من خلال القرآن الكريم.

معنى المستضعفين في القرآن الكريم

"المستضعفون" هم الفئة التي تعاني من الظلم والقهر والحرمان في مجتمعهم بسبب قوى أكبر منهم سواء كانت سياسية، اجتماعية، أو اقتصادية. يشير القرآن الكريم إلى هذه الفئة في عدة آيات، حيث يوضح أن الله تعالى يرى معاناتهم ويعدهم بالفرج والنصر، إذا صبروا واتقوا الله.

في سورة النساء، يقول الله تعالى:

"وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا"
(النساء: 75).

هذه الآية تتحدث عن المستضعفين الذين يدعون الله أن ينقذهم من الظلم والاستبداد. يظهر هنا أن الاستضعاف قد يصيب الرجال والنساء وحتى الأطفال، وأن الظلم الاجتماعي ليس محصورًا بفئة معينة من الناس، بل يمكن أن يصيب أي شخص محروم من حقوقه الأساسية.



مفهوم الاستضعاف

"الاستضعاف" في القرآن الكريم هو حالة الظلم والقهر التي تتعرض لها الفئات الضعيفة في المجتمع. يشمل هذا المفهوم الأفعال التي يمارسها القوي على الضعيف بهدف السيطرة والإخضاع. يتمثل الاستضعاف في أشكال مختلفة مثل العبودية، الاستبداد السياسي، والظلم الاقتصادي والاجتماعي.

الاستضعاف ليس فقط حالة من الضعف الجسدي، ولكنه ضعف شامل يشتمل على عدم القدرة على الدفاع عن النفس أو استرداد الحقوق. ورغم ذلك، فإن القرآن الكريم يقدم وعودًا للمستضعفين بأن هذا الظلم لن يدوم، وأن الله سينصرهم في النهاية، كما جاء في قوله تعالى:

"وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ"
(القصص: 5).

هذه الآية تقدم وعدًا إلهيًا بأن المستضعفين، رغم ضعفهم في الدنيا، سيكون لهم مكانة عالية وسينالون العزة والقوة في المستقبل.

الاستضعاف في سياق التاريخ والقصص القرآني

الاستضعاف يظهر أيضًا في قصص الأنبياء، حيث نرى هذا المفهوم جليًا في قصة بني إسرائيل مع فرعون، حيث استضعفهم وجعلهم عبيدًا له. يقول الله تعالى في سورة القصص:

"إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ"
(القصص: 4).

هذه الآية تعكس صورة الاستبداد السياسي والاجتماعي الذي مارسه فرعون على بني إسرائيل. لكنه في النهاية هُزم، ونجى الله المستضعفين. فالله نصرهم لانهم كانوا مستضعفين و ليس لانهم بني اسرائيل و ذالك وعده لكل المستضعفين كيف ما كان دينهم او عرقهم.

رسالة القرآن للمستضعفين

القرآن الكريم يبعث برسالة أمل إلى المستضعفين. رغم المعاناة والظلم، فإن نهاية الظالمين حتمية. المطلوب من المستضعفين هو الصبر والثبات، والإيمان بأن العدل الإلهي سيتحقق في النهاية. الله يعد المستضعفين بالنصر والخلاص، كما جاء في قوله تعالى:

"وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ"
(آل عمران: 140).

هذه الآية تذكرنا بأن الظروف قد تتغير، وما قد يبدو كهيمنة الظالمين هو في الحقيقة جزء من دورة الحياة التي تتبدل فيها الأوضاع.

خاتمة

الاستضعاف في القرآن الكريم هو حالة اجتماعية وإنسانية تشير إلى الظلم والقهر الذي قد يتعرض له بعض الأفراد أو الجماعات. ولكن القرآن يقدم وعدًا بالخلاص والنصر للمستضعفين، ويحثهم على الصبر والإيمان بأن العدالة ستتحقق في النهاية.

صورة لها تاريخ

صورة لها تاريخ